الأربعاء، 6 نوفمبر 2019

ثم لم يبق أحد - أجاثا كريستي، دراسة شرعية


تحاول المقالة تحديد نوع القتل من الناحية الشرعية الإسلامية لتسع جرائم مذكورةٍ في الرواية




الصورة من المسلسل القصير المقتبس عن الرواية بنفس الاسم عام 2015 من إنتاج BBC




مقدمة :

ثم لم يبق أحد


للكاتبة أجاثا كريستي 

بالإنجليزية: 
And then there were none

1939


أشهر روايات الجريمة، و أكثرها مبيعاً و اقتباساً

تحكي الرواية باختصار عن تلقي عدة أشخاص - مجموعهم عشرة - دعوة من شخصٍ لا يعرفونه لقضاء إجازة في قصر بجزيرة معزولة، يصل الجميع إلى القصر ولا يجدون صاحب الدعوة، بعد العشاء ينطلق صوتٌ من الغراموفون - المسجلة القديمة - يسرد أسماء الحاضرين واحداً واحداً و يدعوهم بالقتلة المذنبين و يذكر أسماء من قاموا بقتلهم.

تجري أحداث الرواية و يقتل العشرة واحداً تلو الآخر، و فيما تتقدم الرواية يتم إخبارنا - نحن القراء - بتفاصيل الجرائم التي قاموا باقترافها في ماضيهم، و هنا موضوع هذه المقالة.

المنهج:

لدينا تسعة جرائم، تسعة جرائم و عشرة متهمين ، لأن هناك جريمة اشترك فيها اثنان.
سنحاول إعطاء نوع القتل - من عمدٍ أو شبه عمدٍ أو خطأ - لكل جريمة مع تعليقٍ بسيط إن لزم الأمر.
المذهب المتبع في هذا البحث هو المذهب الشافعي و مصدري هو كتاب الفقه المنهجي لمؤلفيه الدكتور مصطفى الخن و الدكتور مصطفى البغا و الشيخ علي الشربجي.

قد أذكر الأحكام الدنيوية لهذه الجرائم، لكن وجب التنويه بأن هذه الأحكام تنطبق فقط في حالة أن القاتل و المقتول من المسلمين، غير ذلك من الحالات لها أحكامٌ أخرى.

جميع ما سيذكر هو رأيي المتواضع بعد دراستي المتواضعة للكتاب المذكور، لذلك قد يوجد أكثر من رأي في هذه القضايا.
أذكر شخصية المجرم أولاً ثم الجريمة ثم نوع القتل

الجرائم:

- القاضي وور غريف :- إرسال شخصٍ للإعدام و هو بمنصب القاضي، لكنه - أي القاضي - كان يحمل في قلبه على هذا الشخص و لأسباب شخصية و لقصة قديمة ، صحيح أن الدلائل كانت تشير على أن هذا الشخص مذنب، لكني فهمت من الرواية أن الحكم بالإعدام صدر من القاضي بسبب رغبته بالانتقام منه بدرجة أكبر.

بناءً على هذه النقطة الأخيرة،  فهذا قتلٌ عمد ، يذكر كتاب الفقه هذه الحالة في باب "المباشرة و السبب في القتل" ، حيث أن الذي قتله فعلاً هو الجلاد أو رجل المشنقة، لكن هذا الأخير ما هو إلا رجلٌ ينفذ الأوامر باسم القانون و الشريعة، فلا شيء على الجلاد - إن لم يكن يعلم بظلم القاضي - و يجرم القاضي - الذي أمر بالإعدام - بالقتل العمد.


- فيرا كلايثورن :- تركت صبياً كان تحت رعايتها ليسبح في البحر في مكانٍ عميق فمات (إهمال متعمد).

 قتلٌ شبه عمد، نية القتل موجودة ، و الفعل موجود و هو عدم الرعاية، لكن الموت ليس محتم، فقد يغرق الصبي و ينقذونه.


- فيليب لومبارد : كان تائهاً في الأدغال برفقة عشرين شخصاً ، فقام بأخذ المؤونة و المعدات و الهرب و تركهم للموت.

 قتلٌ شبه عمد، الحالة مشابهة للحالة السابقة، قد ينجو الأشخاص و قد لا ينجو فموتهم ليس محتماً، لكن هنا بما أن المقتولين عشرون شخصاً، فعليه عشرون دية.

- إيميلي برنت : طردت خادمةً كانت تعمل عندها فانتحرت الخادمة.

لا شيء ، لا جرم على إيميلي برنت هنا.


- الجنرال ماكارثر: إرسال ضابط إلى مهمةٍ لا يمكن الرجوع منها سالماً بغية التخلص منه.
قتلٌ شبه عمد، أيضاً هنا لا يمكن الحكم على حتمية الموت، فقد يهرب الضابط أو يتم إنقاذه.



- الدكتور أرمسترونج : كان يجري عمليةً جراحيةً و كان سكراناً حينها فمات المريض.
قتلٌ خطأ

- طوني مارستون : دهس طفلين بالسيارة بالخطأ.
قتلُ خطأ


- بلور : شهادة زور أدت إلى إرسال بريءٍ إلى الإعدام
قتلٌ عمد، هنا أيضاً يطرح موضوع المباشرة و السبب بالقتل، فبلور كان السبب و لكنه يتحمل الجرم كاملاً وحده، و ليس على القاضي شيء - إن كان منصفاً و مخدوعاً فعلاً بشهادة الزور - و ليس على الجلاد شيء.


- الخادم و مدبرة المنزل روجرز: كانا يعملان عند سيدةٍ مريضة ، و امتنعا عن تقديم الدواء لها لكي تموت فماتت.

قتلٌ عمد، 
هنا نقطة، يذكر في الرواية بأن زوجة الخادم - المدبرة نفسها - لم تكن راضية على القيام بهذا الفعل، لكن زوجها أجبرها على السكوت، و هذا لا يعتبر إجباراً أو تهديداً قوياً ليسقط عنها الجرم، فكلاهما مجرمان بالقتل العمد




هذا و الله أعلم